ثلاثة أقمار مرت والشباك خالية .. قرية الصيد الصغيرة القابعة علي حد الأفق ينتابها الجنون .. من أغضب البحر فقبض عنهم يده السخية ؟! أبدا لم يكونوا علي خلاف معه !
البحر رفيقهم الدائم ، ربما ثار أحيانا ، ربما انتزع منهم بعض أحبائهم ، لكنه أبدا ما كان بخيلا.
القوارب الصغيرة تعود كل صباح خالية الوفاض ،العيون منكسة ، مثقلة بالقهر، و الهواء ساكن لا يحتضن رائحة اليود ، حتي رائحته يبخل بها !؟
تحدق إليهم صفحته الزرقاء بكبرياء آبي وعناد.
بدارة .. تنسل فجرا من بيت عمها الغارق في ظلام بكر إلي الشاطئ ، المرسى الصغير، قارب عمها المتداعي ، علي كتفها الضعيف تحمل شبكة غزلت بالصبر والرضا ، إلي رفيقها الغاضب تمد مجدافها و تدخل إلي حضنه الواسع دون وجل.
تلقي إليه بشباكها فيجود و يجود .. تعود إلي البر وسط دهشة الرجال المتمرسين ، قاربها المملوء عن أخره يتحداهم أن يأتوا بما أتت به بنت السابعة عشرة الهزيلة .
يسحبون قواربهم ويندفعون إلي سطح الأزرق ليعيدهم مخذولين كعادته.. ما به الأزرق؟! آلا يرضى إلا لبدارة ؟!!!
أيام تمر، وبدارة الهزيلة ذات الجديلة تصبح بدارات كثيرات ، إلى البحر يمضين كل فجر ليعدن محملات بمنح الازرق الحبيب
شهور، سنوات ،تتبدل ادوار القرية .. يتغير اسمها .. ميت غالب تصبح كفر بدارة .