قلت نعم ، بداءة ، لأن فكرة تعديل الدستور ، أمر مشروع ، وواجب ، ويقرها الفقه الدستورى ، وذلك لتحقيق الملاءمة مع الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة فى مرحلة ما ، فى أى بلد من البلدان . كما أن تعديل الدستور ، ليس بدعة ، ولكنه أمر مألوف ، ومعمول به فى أعتى ديموقراطيات العالم . والقول بغير ذلك ، لايعنى سوى الجمود والتصلب، والتشدق بمزاعم كاذبة، بل وإضفاء القداسة ، على ماهو غير مقدس ، باعتبار أن الدستور أولا وأخيرا ، هو منتج بشرى ، وهو وإن كان يتمتع بقوة ثبات نسبى ، ألا إن ذلك مرهون ، بمدى مايستجد من تغيرات وتحولات ، تملى ، وتفرض أن تجرى عليه تعديلات ، ليساير ما طرأ من مستجدات . والقول الفصل أولا وأخيرا للشعب مصدر السلطات ، عن طريق الاستفتاء العام .
ومن هذا المنظور ، قلت نعم للتعديلات الدستورية ، لتلافى بعض المثالب التى علقت بدستور 2014 ، حيث أن هذا الدستور ، أعد على عجل، فى ظروف غير مواتية ، نظرا لحالة الاضطراب التى كانت مسيطرة على البلاد فى أعقاب اقتلاع الفاشية الدينية وإسقاط حكم المرشد، فضلا عن الضغوط التى كانت تمارسها بعض القوى السياسية ، داخل اللجنة التأسيسية المعنية بإعداد الدستور ،خاصة تلك التى تتسربل بالدين ، وغيرها من التيارات المتطرفة ، والتى تستهدف المشاركة فى السلطة ،وكانت الدولة فى حالة سيولة ، بفعل العدائيات الداخلية والخارجية ، وكان يتعين علينا الانتهاء عاجلا من إعادة بناء المؤسسات الدستورية .
كما أن بعض مواد دستور 2014 لاتتناسب مع نظام الحكم فى مصر، ولاتتلاءم مع المرحلة الراهنة، بل وتفتقد التوافق مع مواد أخرى فى الدستور . وأخذا فى الاعتبار ماتكشف من مخاطر الإرهاب الداخلى ، والمدعوم بالإرهاب العابر للحدود ، والاستخبارات المعادية ، كان من الأهمية بمكان ، تعظيم دور جيشنا الوطنى ،وتأكيد مسئوليته فى الحفاظ على مدنية الدولة ، وحماية المؤسسات الدستورية ، إلى جانب مهامه المقدسة فى الدفاع الخارجى وحماية الأمن القومى المصرى والعربى ، وحماية المصالح العليا ، والمصالح الاقتصادية للبلاد، فى المياه الإقليمية ، والمنطقة الاقتصادية فى نطاق ترسيم الحدود البحرية مع الدول المجاورة .
هذا وقد أكدت التعديلات الستورية ، على مبدأ الفصل بين السلطات ،دون مساس باستقلال القضاء . كذلك فإن إعادة الغرفة الثانية للبرلمان ، يساهم فى الارتقاء بالوظيفة التشريعية للبرلمان ، وضمان الأداء التشريعى على النحو المنشود . وتقديرا لمسيرة المرأة المصرية ، فإن التمييز الإيجابى ، بضمان تمثيلها فى البرلمان بما لايقل عن ربع مقاعد البرلمان ،
يساهم إلى حد كبير فى دمج واتساع مشاركة المرأة فى ساحة العمل العام ، ويدعم التوثب نحو التقدم والنهوض بالمجتمع . لهذه الأسباب قلت نعم للتعديلات الدستورية .
*****************************************************
كاتب المقال : وكيل وزارة الثقافة سابقا